قبل إتمام مصالحة حقيقية بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني جبران باسيل، تقول مصادر قيادية في الثنائي الشيعي بكل صراحة ان «لا حكومة»... وتذهب المصادر في صراحتها الى حد الاعلان انه «لو اجتمعت كل الامم وقدمت الحلول فانها لن تؤدي الى الافراج عن الحكومة ما لم يتصالح الرجلان ويتفقان على تسوية شبيهة نوعا ما بتسوية ٢٠١٦ التي جاءت بالرئيس ميشال عون الى بعبدا واعادت الحريري الى السراي الحكومي».
واللافت هنا، اعلان هذه المصادر لأول مرة بشكل رسمي ان هذه الحكومة هي حكومة «سلطة ونفوذ»، وستتولى في مرحلة لاحقة ادارة البلد سياسيا وبشكل رسمي في حال حصول فراغ في رئاستي الجمهورية ومجلس النواب في ٢٠٢١، معتبرة ان المهام المنتظرة من هذه الحكومة مستقبلا وكيفية ادارة السلطة عند حصول الفراغ وتحديدا الرئاسي يشكلان نقطة الخلاف الجوهرية بين الحريري وكل من عون وباسيل.
وضمن هذا السياق، وضعت المصادر مبادرة مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم وسيد بكركي البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، مشيرة الى ان الثنائي الشيعي ليس بعيدا عن اجواء هذه المبادرة وحركة اللواء ابراهيم، كاشفة عن بنودها:
اولا: ترتيب لقاء مصارحة بين باسيل والحريري في الصرح البطريركي.
ثانيا: سعي بكركي الى عقد مؤتمر مصالحة وطني جامع تحت رعايتها وبمباركة فرنسية مباشرة.
ثالثا: ابتعاد كل من عون والحريري عن البروتوكول في تشكيل الحكومة كما يحصل حاليا، اي الاكتفاء بتقديم لوائح حكومية كاملة دون البحث التفصيلي بكل اسم من الاسماء المطروحة للتوزير، واقناع الرئيسين بتقديم كل منهما مجموعة اسماء للوزارات موضع الخلاف للاختيار بينها، على ان تكون الاسماء المختارة محايدة.
رابعا: توافق الحريري وعون والكتل النيابية الممثلة في البرلمان على ان تنفذ هذه الحكومة الاصلاحات الاقتصادية اللازمة للحصول على الدعم الدولي لانتشال لبنان من ازمته.
طبعا، قد لا يؤدي اي توافق داخلي من هذا النوع الى تشكيل حكومة في اللحظة ذاتها، ولكنه سوف يشكل وفقا لهذه المصادر عاملا ضاغطًا على المجتمع الدولي للمساعدة والضغط اكثر في ترتيب تفاهمات خارجية كفيلة بتسريع عملية التشكيل.
وعليه، لا تعطي هذه المصادر اية اهمية لحركة الرئيس الحريري الخارجية حاليا انطلاقا من ان العامل الداخلي غير متوفر، في حين ان الامارات العربية المتحدة لا يمكن ان تشكل لبنانيا البديل السني عن السعودية، كما ان الدور القطري لم يرق حتى اللحظة الى ما كان عليه سابقا، ومن غير المنتظر ان يحدث العكس في المستقبل.
وتوقفت المصادر عينها مليا عند محاولة البعض الترويج داخليا على الاقل بوجود مساومة بين الازمة اليمنية وتشكيل الحكومة، معتبرة ان هذا الكلام «مضحك» اذ لا يمكن مقاربة ملف بهذا الحجم والتشعبات والاهمية الاستراتيجية اي الملف اليمني ووضعه في الميزان ذاته مع ملف تشكيل الحكومة اللبنانية، مقدمة النصيحة للجميع للتوافق داخليا، والتفاهم وحل الخلافات قبل ان ينهار البلد بشكل كلي.
ومن موقع مسؤول، اكدت المصادر القيادية في الثنائي الشيعي ان هذا الثنائي ما زال يحاول رغم كل المعوقات تقديم المبادرات والحلول للازمة الحكومية، مؤكدة ان اي حل يجب ان يبدأ من تأمين لقاء «صلحة» بين باسيل والحريري، والذي سيفتح الباب حسب تاكيداتهم، على ايجاد حل للمعضلة الحكومية وفق صيغة «لا غالب ولا مغلوب».
وختمت المصادر كلامها باعادة التاكيد على ان هناك حركة داخلية وخارجية حاليا في الملف الحكومي، ولكن الامور ما زالت تراوح مكانها او على الاقل لم تتضح الصورة بعد.